شعر التفعيله بدايته واهم شعراوه (دراسه نقديه)
الحلقه(1)
يعتمد شعر التفعيلة المعاصر على التفعيلة كوحدة أساسية ، وعلى نظام الشطر الواحد ، طال أم قصر ، مقابل البيت العمودي ذي العدد المحدد من التفاعيل والقافية الموحدة ، فقد يأتي الشطر تفعيلة واحدة صعودا إلى ما شاء الشاعر ، وشعر التفعيلة يعتمد تفعيلة واحدة مثل " مُسْتَفْعِلُنْ " ويعتمد أكثر من تفعيلة مثل " مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ " أو " فاعِلاتُنْ مُسْتَفْعِلُنْ " ، فما كان على تفعيلة واحدة فهو الصافي كالبحور الصافية ، وما كان مختلطا فهو الممتزج ، كالبحور الممتزجة . وشعر التفعيلة يخضع لقانون العروض من حيث الزحافات والعلل ، ويستعمل الشاعر في شعر التفعيلة جميع التفاعيل ، لكن هناك تفاعيل تستعمل أكثر من غيرها وهناك مثلا تفعيلة "مَفْعولاتُ " لا نكاد نعثر عليها في شعر التفعيلة .
البحور الممتزجة عشرة بحور :
الطويل / المديد / البسيط / الوافر / السريع / المنسرح / الخفيف / المضارع / المقتضب / المجتث .
البحور الصافية :
الكامل / الهزج / الرجز / الرمل / المتقارب / المتدارك .
البداية
يعود شعر التفعيله الى النصف الاول من القرن العشرين على خلاف من يعتقد ان شعر التفعيلة بدا قبل ذلك بمئات السنين
وبرايي البسيط اعتقد_ ان ما يرمي بعض المؤرخون اليه من ان شعر التفعيلة بدا قبل ذلك التاريخ بمئات السنين _بانه اعتقاد خاطئ ذلك لان شعر التفعيلة يعتبر انقلاب على الشعر العمودي التقليدي من ناحية الشكل والمضمون وليس من ناحية الشكل فقط
.
إذا فشعر التفعيلة هو حدث حداثي جديد القصد منه هو تغيير النمط الذي درج عليه الشعراء الاولون وفتح افاق جديده امام الشاعر ليتبحر في خياله ويقدم للمتلقي رؤية اعمق مما لو كان عليه في القصيدة التقليديه-
نازك الملائكه:
وتعتبر الشاعره العراقيه نازك الملائكه من اول الشعراء الذين بداوا بشعر التفعيله والتمرد على القصيده العموديه التقليديه
وذلك من خلا ل قصيدتها المشهوره
كان عام 1947 الانظلاقه الحقيقيه لتجربة نازك الملائكة الشعريه،و كانت هذه السنة هي بداية ظهور ما سمي بالشعر الحر و تحديدا مع قصيدة الكوليرا التي الفتها نازك الملائكة حيث شرحت ظروف القصيده في كتابها -قضايا الشعر الحديث- قائلة :"كانت أول قصيدة حرة الوزن تنشر قصيدتي المعنونة (الكوليرا) وكنت قد نظمت تلك القصيدة 1947 أصور بها مشاعري نحو مصر الشقيقة خلال وباء الكوليرا الذي دهمها وقد حاولت فيها التعبير عن وقع أرجل الخيل التي تجر عربات الموتى من ضحايا الوباء في ريف مصر. وقد ساقتني ضرورة التعبير الى اكتشاف الشعر الحر".
و قد صادف في العام نفسه أن نشر بدر شاكر السياب قصيدة من الشعر الحر أيضا و كانت بعنوان (هل كان حبا؟) و قد جاء نشر هذه القصيده تأكيدا على أن بداية الشعر قد جاءت من العراق حيث ذكرت نازك الملائكه ذلك أيضا في كتابها المذكور آنفا أن أن بداية حركة الشعر الحر كانت سنة 1947 في العراق. ومن العراق بل من بغداد نفسها زحفت هذه الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله.
و على الرغم من أن القصيدتين قد نشرتا في العام نفسه و اعتبرتا بداية لما سمي بالشعر الحديث إلا أن كان لبعض النقاد رأي آخر حيث وجدوا قصيدة الكوليرا أقرب صورا و بناء للشعر الحر منها لقصيدة السياب التي كانت امتدادا لقصائده الوجدانيه السابقه مع فرق اعتماده للتفعيله للمره الأولى عوضا عن العمود الخليلي، و بناء على تجربة نازك الملائكه و بدر شاكر السياب في الشعر الحر وضعوا على الطريق من بعدهم من واصل في مسيرة تجديد الشعر العديد من الشعراء أبرزهم أدونيس و عبدالوهاب البياتي و صلاح عبدالصبور و محمود درويش
و في العام نفسه أي عام 1947 نشر في بغداد أول ديوان لنازك الملائكه و كان عنوانه (عاشقه الليل) الذي تميز بالقصائد ذات الشجن و الحزن العميق، و من بعد ديوان عاشقة الليل توالت اصدار دواوين الشعر حيث اصدرت الدواوين التالي أسماؤها :
شظايا الرماد 1949.
قرارة الموجة 1957.
شجرة القمر 1968.
ويغير ألوانه البحر 1970.
الصلاة و الثورة 1978
و أصدرت نازك الملائكه كذلك غير دواوين الشعر عدة دراسات تناولت الشعر العربي و علم الاجتماع حيث تم تأليفهم في فترة عملها في جامعة بغداد و جامعة البصرة و جامعة الكويت حيث أصدر لها الدراسات التاليه أسماؤها :
قضايا الشعر الحديث 1962.
التجزيئية في المجتمع العربي ،عام 1974 و هي دراسة في علم الاجتماع.
سايكولوجية الشعر, عام 1992
الكوليرا - لنازك الملائكة
؟؟؟؟نَ الليلُ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْق الظلمةِ, تحتَ الصمتِ, على الأمواتْ
صَرخَاتٌ تعلو, تضطربُ
حزنٌ يتدفقُ, يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
في كلِّ فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزَّقَـهُ الموت
الموتُ الموتُ الموتْ
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ
* * *
طَلَع الفجرُ
أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ
في صمتِ الفجْر, أصِخْ, انظُرْ ركبَ الباكين
عشرةُ أمواتٍ, عشرونا
لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا
اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين
مَوْتَى, مَوْتَى, ضاعَ العددُ
مَوْتَى , موتَى , لم يَبْقَ غَدُ
في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ
لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ
هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ
* * *
الكوليرا
في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ
في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ
استيقظَ داءُ الكوليرا
حقْدًا يتدفّقُ موْتورا
هبطَ الوادي المرِحَ الوضّاءْ
يصرخُ مضطربًا مجنونا
لا يسمَعُ صوتَ الباكينا
في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداء
في كوخ الفلاّحة في البيتْ
لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ
* * *
الصمتُ مريرْ
لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ
حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ
الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ
الميّتُ من سيؤبّنُهُ
لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ
الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ
يبكي من قلبٍ ملتهِبِ
وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ
يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ
لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ
الموتُ, الموتُ, الموتْ
يا مصرُ شعوري مَزَّقَـهُ ما فعلَ الموتْ
( 1947)
يتبع في حلقة قادمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
