- أعلى السلاسل الجبلية هي أقل المناطق ازدحاماً بالسكان، بل إن هاماتها تخلو من أي أثر للحياة البشرية المستقرة عليها فإذا ما نزلنا إلى ما دون خط الثلج الدائم لوجدنا أن النباتات والحيوانات والناس قد تكيفوا مع الظروف القاسية السائدة. ومن المعروف أنه كلما ازداد ارتفاع الأرض، قلت درجة الحرارة والضغط الجوي وكثافة الهواء فيها، وبالتالي أصبح التكيف البشري معها أكثر صعوبة ثم إن الأراضي العالية تكون عادة صعبة المسالك، جرداء، نادراً ما تصلح للزراعة، وقلما توفر غذاءً كافياً للإنسان أو للحيوان.
- ولكن على الرغم من هذه الصعوبات فقد تمكنت بعض الثقافات من أن تزدهر في بعض المناطق الجبلية :
مثل الإنكا في جبال الأنديز، واللاما في التيبت، إذ إن الجبال العالية تعزل سكانها عن الأقوام والثقافات الأخرى، ولكنها من ناحية ثانية تحميهم من بطش أولئك الأقوام واعتداءاتهم.
- لقد تكيف سكان التبت وهنود الأنديز وسكان الألب السويسرية جسمياً على حياة المناطق العالية وكانت عملية التكيف في الحالات الثلاث إذ نجد أن شعوب تلك المناطق يتميزون بقصر القامة ( وذلك يحميهم من البر، لان مساحة البشرة المعرضة للهواء تقل كلما قلت أحجام أجسامهم وبالتالي تقل إمكانية تجمدهم ) وبعرض الوجه واحتوائه على نسبة كبيرة من الدهن، وباحتواء أجسامهم على كميات كبيرة نسبياً من الدم، وبوفرة كريات الدم الحمراء فوق المستويات العادية، مما يعوض نقص الأوكسجين الناجم عن قلة كثافة الهواء في مثل تلك الارتفاعات ( إذ يحصل الدم عند ارتفاع 6000متر على نصف كمية الأوكسجين الذي يحصل عليه قرب سطح البحر ).
- وتتميز حيوانات هذه المناطق بأن لها طبقة سميكة من الجلد، وبقدرتها على التسلق بخفة على الأراضي الصخرية، ويكون بعضها يبيت بياتاً شتوياً تحت الثلج.
- إن نوع الغطاء النباتي السائد في المنطقة يعتمد على متوسط درجات حرارة المنطقة، إذ قد يصل فارق درجة الحرارة بين أبرد وأدفأ الأيام في العام إلى 80 درجة ورغم ذلك، فقد نجد - علاوة على النباتات الجبلية - بعض الأنواع النباتية التي تنمو في المناطق المنخفضة. وعموماً فإن النباتات الجبلية تتميز بقصرها وقساوة أوراقها وكثرة الزغيبات عليها، وكذلك بقوة جذورها وقدرتها على الصمود في وجه الرياح العاتية، وعلى قدرتها على امتصاص الرطوبة من التربة القليلة المحيطة بها.
